لا شك أن مراكز الدراسات تلعب دورا مهما باعتبارها مصانع فكرية أو معاهد سياسات، تسهم بقدر كبير في رسم السياسات وتوليد الأفكار الاستراتيجية، ومراقبة السياسة العامة، وتوفير الموارد الفكرية كما أنها تُعين الحُكومات على توفير المعلومات والتحليلات التي تمكنها من إدارة أهم الملفات ذات العلاقة بمستقبلها الاقتصادي والسياسي ..إلخ.
عندما فكرنا في تأسيس المركز العالمي للدراسات السياسية في السودان كنا على علم وإدراك بما نحن مقدمين عليه، خاصة وأن بلادنا العزيزة قد تنكّبت كثيرا فهي في أمس الحاجة لمركز دراسات على مستوى عال من الطموح ومن الأهداف الوطنية النبيلة للاستفادة من الخبرات والكفاءات وأصحاب الفكر والرأي السديد، حتى تكون انطلاقتنا قوية خاصة وأن السودان يعتبر من اللاعبيين السياسيين في الإقليم بما يمتلكه من موقع استراتيجي ويمتاز بالكثير من الموارد الطبيعية الهائلة مثل الذهب والنفط والماء والأراضي الزراعية الشاسعة، إضافة إلى موانئ مطلة على أهم المناطق التي تربط السودان وأفريقيا بقارات العالم.
‏ونسبة لأهمية هذا الموقع أصبحت المنطقة مكان أطماع خارجية في ظل تنافس شديد بين الأقطاب الكبيرة في الساحة الدولية والاقليمية، ويتزامن ذلك مع اندلاع حروب في أكثر من مكان أهمها الحرب الإسرائيلية الفلسطينية التي يتزايد خطرها على عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوما بعد آخر، وهناك الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب في السودان وهي جميعها حروب مرشحة للتوسع والتمدّد، والتأثير الكبير سواء على مستوى الموارد البشرية أو البنى التحتية الاقتصادية، أو زيادة خطر التلوث الناجم عن الأسلحة الحديثة الفتاكة، والتي تؤدي إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، مما يجعل مناطق الحروب والنزاعات غير آمنة للعيش فيها مستقبلا، وهو ما يحدث في قطاع عزة في الوقت الراهن وفي لبنان أيضا، علاوة على التأثير على النظم البيئية البحرية، في ظل حاجة البشرية للأمن الغذائي.